الامتياز التجاري في السعودية

مقدمة: ما هو الامتياز التجاري في السعودية ولماذا يُعد من أهم أدوات النمو الاقتصادي في السعودية؟

في ظل التحولات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، أصبح الامتياز التجاري (Franchise) أحد الركائز الأساسية لدعم ريادة الأعمال وتنويع الاقتصاد، وتشهد المملكة نموًا ملحوظًا في قطاع الامتيازات التجارية، لا سيما في مجالات الخدمات، المطاعم، التجزئة، والتعليم، ومع هذا التوسع، برزت الحاجة إلى فهم عميق للإطار القانوني الذي يحكم عقود الامتياز التجاري في السعودية.

يعرف الامتياز التجاري بأنه اتفاق قانوني بين طرفين: المانح (Franchisor)، وهو صاحب العلامة التجارية أو النظام التجاري، والم franchisee (المتلقّي)، الذي يحصل على الحق في استخدام العلامة التجارية ونظام التشغيل مقابل رسوم مالية،ويُعد هذا النوع من العقود من أكثر العقود تعقيدًا من الناحية القانونية، إذ يجمع بين أحكام القانون التجاري، الملكية الفكرية، حماية المستهلك، وتنظيم الاستثمار.

في هذا المقال، سنقدم تحليلًا قانونيًا شاملاً لـ عقود الامتياز التجاري في المملكة العربية السعودية، مع التركيز على الأطر التشريعية، الشروط الأساسية للعقد، حقوق والتزامات الأطراف، وآليات حماية الطرفين، وذلك بما يتماشى مع النظام السعودي، وفقًا لأحدث التعديلات واللوائح الصادرة عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) ووزارة التجارة.

تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة متخصصة في عقود الامتياز التجاري، واحصل على استشارة قانونية

أولًا: الإطار القانوني لعقود الامتياز التجاري في السعودية

1. هل يوجد نظام خاص بعقود الامتياز في السعودية؟

حتى تاريخ كتابة هذا المقال (2025)، لا يوجد نظام مستقل خاص بعقود الامتياز التجاري في المملكة العربية السعودية، ومع ذلك، فإن هذه العقود تخضع لعدة أنظمة وتشريعات تنظم جوانب مختلفة منها، أبرزها:

نظام التجارة (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/31 وتاريخ 15/6/1443ه).
نظام الملكية الفكرية (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/28 وتاريخ 17/5/1443ه).
نظام الاستثمار الأجنبي (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 2/3/1433ه).
نظام حماية المستهلك (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/32 وتاريخ 22/6/1443ه).
نظام الوكالات التجارية (الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/11 وتاريخ 16/3/1425ه).

كما تعد اللائحة التنفيذية لنشاط الامتياز التجاري الصادرة عن الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) في عام 1444ه (2023م) أول إطار تنظيمي مركّز يُعنى بتنظيم هذا النشاط، ويُعد مرجعًا قانونيًا مهمًا.

2. دور “منشآت” في تنظيم الامتياز التجاري

أصدرت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) اللائحة التنفيذية لنشاط الامتياز التجاري بهدف:

تنظيم العلاقة بين المانح والمتلقّي.
حماية حقوق الأطراف.
وذلك يعني تعزيز الشفافية والثقة في سوق الامتياز.
دعم نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وتُلزم اللائحة المانح بـ:

وكذلك تسجيل نشاط الامتياز لدى “منشآت”.
توفير وثيقة الإفصاح عن الامتياز (Franchise Disclosure Document) قبل توقيع العقد.
مثل ضمان توافق العقد مع المعايير القانونية والتجارية.

من ناحية أخرى يُعد التسجيل لدى “منشآت” إلزاميًا لجميع المانحين، سواء كانوا سعوديين أو أجانب، يرغبون في تقديم امتيازات تجارية داخل المملكة.

ثانيًا: عناصر عقد الامتياز التجاري وفق النظام السعودي

يجدر التنويه إلى أنه ولضمان صحة العقد وتنفيذه، يجب أن يتضمن عقد الامتياز التجاري مجموعة من العناصر الأساسية، تحدد بوضوح حقوق والتزامات كل طرف.

1. تعريف الأطراف

اسم المانح (Franchisor) والمتلقّي (Franchisee).
الهوية القانونية (سجّل تجاري، رقم الهوية، عنوان، جهة الاختصاص).

2. نطاق منح الامتياز

نوع النشاط التجاري (مطعم، متجر تجزئة، مركز تعليمي…).
الجغرافيا المسموح بها (منطقة جغرافية محددة، حصرية أو غير حصرية).
مدة العقد (عادة من 3 إلى 10 سنوات، قابلة للتجديد).

3. حقوق الملكية الفكرية

يصرّح للمتلقّي باستخدام العلامة التجارية، الشعار، النظام التشغيلي، البرمجيات، والمواد التسويقية.
يجب أن يكون المانح مالكًا شرعيًا للحقوق، أو مُرخّصًا من المالك الأصلي.
يمنع نقل ملكية العلامة التجارية للمتلقّي.

4. الرسوم والالتزامات المالية

رسوم الامتياز الأولية (Initial Franchise Fee).
رسوم الترخيص الدورية (Royalty Fees) (عادة 5% – 10% من الإيرادات).
رسوم الدعم التسويقي (Marketing Fees).
آليات الدفع والعملة (الريال السعودي غالبًا).

5. التدريب والدعم الفني

التزام المانح بتقديم تدريب أولي ومستمر.
دعم فني، تشغيلي، وتسويقي.
توفير دليل التشغيل (Operations Manual).

6. شروط التشغيل والامتثال

التزام المتلقّي بالامتثال لمعايير الجودة والخدمة.
على وجه التحديد يجب الالتزام ببروتوكولات التشغيل.
عدم تعديل المنتجات أو الخدمات دون موافقة خطية.

7. السرية وحماية المعلومات

التزام الطرفين بعدم إفشاء المعلومات السرية.
يعد انتهاك السرية من الأسباب المشروعة لإنهاء العقد.

8. آليات إنهاء العقد

حالات الفسخ (التقصير، الإفلاس، انتهاك العلامة التجارية).
ومن هذا المنطلق فإن فترة الإشعار (عادة 30 إلى 90 يومًا).
التزامات ما بعد الفسخ (إيقاف استخدام العلامة، تصفية المخزون، نقل البيانات).

ثالثًا: حقوق والتزامات الأطراف في عقد الامتياز

أولًا: حقوق وواجبات المانح (Franchisor)


حماية العلامة التجارية من الاستخدام غير المصرح به	توفير نظام تشغيلي فعّال
فرض الرسوم المتفق عليها	تقديم التدريب والدعم المستمر
مراقبة جودة الخدمة	تحديث دليل التشغيل بانتظام
إنهاء العقد في حالات التقصير	الالتزام بالشفافية في الإفصاح

ثانيًا: حقوق وواجبات المتلقّي (Franchisee)


استخدام العلامة التجارية ضمن الشروط	دفع الرسوم في مواعيدها
تلقي الدعم الفني والتسويقي	الالتزام بمعايير الجودة
تجديد العقد في حال الامتثال	الالتزام بالسرية وعدم المنافسة
التظلم من قرارات المانح	عدم نقل العقد دون موافقة خطية

رابعًا: التحديات القانونية في عقود الامتياز التجاري

بالإضافة إلى ما سبق ورغم الإطار التنظيمي المتطور، لا تزال هناك تحديات قانونية تواجه الأطراف، منها:

1. غياب نظام موحد ملزم

بما أن الامتياز لا يخضع لقانون مركزي، قد تنشأ نزاعات حول تفسير العقود، خاصة في حالات عدم التوازن في القوة التفاوضية بين المانح الأجنبي والمتلقّي المحلي.

2. صعوبة فرض العقوبات

رغم أن “منشآت” يمكنها فرض غرامات على المانحين المخالفين، إلا أن آلية تنفيذ الأحكام القضائية تظل معقدة في بعض الحالات.

3. النزاعات المتعلقة بالملكية الفكرية

قد يستخدم اسم العلامة أو الشعار بشكل مخالف، أو يُطالب المتلقّي بحقوق ملكية غير موجودة، مما يستدعي تدخل المحكمة التجارية.

4. التحديات في إنهاء العقد

كثيرًا ما تنشأ نزاعات حول استرداد الرسوم، استمرار استخدام العلامة، أو تعويض المتلقّي عند انتهاء العقد.

خامسًا: حلول النزاعات في عقود الامتياز

1. الوسائل الودية

الوساطة (Mediation): تُفضل في المراحل المبكرة.
التحكيم (Arbitration): يُنص عليه في كثير من العقود، وغالبًا يكون في مركز التحكيم التجاري السعودي (SCA).

2. التقاضي في المحاكم

تنظر النزاعات في المحكمة التجارية المختصة.
يمكن رفع دعوى أمام اللجنة التجارية في وزارة التجارة.

3. دور وزارة التجارة

تلقي الشكاوى من المتلقّين.
التحقيق في المخالفات.
فرض عقوبات إدارية (غرامات، إيقاف نشاط).

سادسًا: أفضل الممارسات لصياغة عقد امتياز ناجح في السعودية

لضمان نجاح العلاقة بين المانح والمتلقّي، ينصح باتباع الخطوات التالية:

الاستشارة القانونية المتخصصة: قبل التوقيع، يجب استشارة محامٍ متخصص في القانون التجاري وعقود الامتياز.
الإفصاح الكامل: يجب على المانح تقديم وثيقة الإفصاح التي تشمل:
- السجل المالي.
- قائمة بالامتيازات الحالية.
- التزامات التدريب والدعم.
الشفافية المالية: تجنب العقود التي تخفي الرسوم أو تفرضها لاحقًا.
تحديد الجغرافيا بوضوح: على الرغم من أن من المهم تجنب النزاعات حول الحصرية.
تضمين شروط التجديد: لضمان استمرارية الاستثمار.

سابعًا: مستقبل الامتياز التجاري في السعودية

مع دعم رؤية 2030 لريادة الأعمال والاقتصاد غير النفطي، يتوقع أن يشهد سوق الامتيازات التجارية في السعودية نموًا بنسبة 15% سنويًا خلال السنوات الخمس القادمة، كما تعمل “منشآت” على:

في المقابل جرى تطوير منصة رقمية لتسجيل الامتيازات.
نتيجةً لما سبق تم إطلاق برامج تدريبية متخصصة.
والهدف من ذلك هو تعزيز التعاون مع الجهات الدولية (مثل International Franchise Associatio

علاوة على ذلك تدرس المملكة في المستقبل إصدار نظام موحد للامتياز التجاري يعد من أوائل الأنظمة في المنطقة، يُنظم جميع جوانب النشاط بشكل متكامل.

خلاصة: لماذا يجب الاهتمام بالجانب القانوني لعقود الامتياز؟

في النهاية، عقد الامتياز التجاري ليس مجرد اتفاق تجاري، بل هو علاقة طويلة الأمد تتطلب توازنًا قانونيًا وتجاريًا، ووفقًا للنظام السعودي، فإن الالتزام باللوائح الصادرة عن منشآت ووزارة التجارة، واتباع أفضل الممارسات القانونية، هو المفتاح لضمان نجاح المشروع وحماية حقوق الطرفين.

✅ نصيحة أخيرة: سواء كنت مانحًا أو متلقّي امتياز، لا تُبرم أي عقد دون مراجعة قانونية متخصصة.

موضوع مهم سجّل علامتك التجارية بثقة

اقرأ أيضاً شروط تأسيس شركة في السعودية