يُعَدّ صياغة شرط التحكيم أحد أهم البنود التعاقدية التي تضمن للأطراف وسيلة بديلة لفض النزاعات بعيدًا عن المحاكم التقليدية، وفي ظل التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية، لا سيما مع صدور نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي م/34 لعام 1433هـ، أصبح اللجوء إلى التحكيم خيارًا استراتيجيًا للكثير من الشركات المحلية والدولية، ومن هنا تبرز أهمية صياغة شرط التحكيم بشكل صحيح، إذ إن أي قصور في الصياغة قد يؤدي إلى بطلان الشرط أو إطالة أمد النزاع بدلاً من حله، في هذا المقال سنسلط الضوء على:
- ماهية شرط التحكيم.
- شروط صحته وفق النظام السعودي.
- العناصر الأساسية لصياغة شرط التحكيم.
- الأخطاء الشائعة في صياغة شرط التحكيم.
- نماذج عملية لشرط التحكيم.
- أفضل الممارسات وفق القانون السعودي والمعايير الدولية.
تواصل الآن مع أفضل شركة محاماة متخصصة في قضايا التحكيم التجارية، واحصل على استشارة قانونية
أولاً: مفهوم شرط التحكيم وأهميته
🔹 تعريف شرط التحكيم
شرط التحكيم هو بند يُدرج في العقد بين الأطراف، يتفقون من خلاله على أن يُحال أي نزاع ينشأ بينهم مستقبلاً إلى التحكيم بدلاً من القضاء العادي، ويتميز عن اتفاق التحكيم المستقل بأنه جزء لا يتجزأ من العقد الأصلي.
🔹 أهمية شرط التحكيم على سبيل المثال:
- المرونة والسرعة: التحكيم يختصر الوقت مقارنة بالمحاكم.
- السرية: يتيح التحكيم سرية الإجراءات، وهو أمر مهم في العقود التجارية.
- الاحترافية: إمكانية اختيار محكمين ذوي خبرة في مجال النزاع.
- قابلية التنفيذ الدولي: أحكام التحكيم في السعودية تحظى بحماية “اتفاقية نيويورك 1958”.
ثانياً: النظام السعودي والتحكيم
🔹 الإطار القانوني
نظام التحكيم السعودي لعام 1433هـ يُعدّ من أكثر الأنظمة توافقاً مع المعايير الدولية، خاصة مع “القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي للأونسيترال”.
🔹 أبرز النصوص ذات الصلة
- ومنها من تشترط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبًا.
- وأخرى تنص على أن شرط التحكيم يُعتبر اتفاقاً مستقلاً عن العقد الأصلي.
- وكذلك التي تضع شروط بطلان حكم التحكيم.
🔹 موقف القضاء السعودي
القضاء في السعودية يؤكد باستمرار على ضرورة وضوح صياغة شرط التحكيم، وأي غموض أو نقص قد يؤدي إلى استبعاده.
ثالثاً: شروط صحة شرط التحكيم في السعودية
- الكتابة: أن يكون الشرط مكتوبًا صراحة.
- الأهلية: أن يكون الأطراف ذوي أهلية للتصرف.
- المحل المشروع: ألا يكون النزاع متعلقًا بأمور لا يجوز التحكيم فيها (مثل المسائل الجنائية أو الأحوال الشخصية).
- الوضوح: أن تكون صياغة الشرط واضحة وخالية من الغموض.
- تحديد نطاق الشرط: تحديد النزاعات التي يشملها التحكيم.
رابعاً: العناصر الأساسية لصياغة شرط التحكيم
🔹 1- تحديد نطاق النزاعات
ينبغي النص على أن “جميع النزاعات الناشئة عن العقد أو المتعلقة به” تخضع للتحكيم.
🔹 2- تحديد مؤسسة التحكيم
يمكن النص على أن النزاع يُحال إلى مركز تحكيم معين مثل:
- فضلاً عن المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA).
- علاوة على غرفة التجارة الدولية (ICC).
🔹 3- عدد المحكمين
عادة يتم النص على أن هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد أو ثلاثة محكمين.
🔹 4- لغة التحكيم
يجب تحديد اللغة (مثل العربية أو الإنجليزية)، خاصة في العقود الدولية.
🔹 5- مكان التحكيم
كما أنه من الممكن تحديد مكان التحكيم (مثل الرياض) يضمن وضوح الإجراءات.
🔹 6- القانون الواجب التطبيق
أيضًا تحديد القانون الموضوعي واجب، مثل “تفسير العقد وفق نظام المملكة العربية السعودية”.
خامساً: الأخطاء الشائعة في صياغة شرط التحكيم
- الغموض: مثل استخدام عبارات غير دقيقة “قد يلجأ الطرفان للتحكيم”.
- إغفال تحديد المؤسسة: مما يؤدي إلى خلافات حول الجهة المختصة.
- تعارض الشرط مع نصوص العقد: مثل وجود بند ينص على اختصاص المحاكم مع وجود شرط تحكيم.
- إغفال تحديد القانون الواجب التطبيق: مما يفتح المجال لنزاعات إضافية.
سادساً: نماذج عملية لشرط التحكيم
🔹 نموذج (1): شرط تحكيم نموذجي
“يتفق الطرفان على أن يتم تسوية أي نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن هذا العقد أو تتعلق به عن طريق التحكيم النهائي والملزم وفقاً لقواعد المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA)، ويكون مقر التحكيم مدينة الرياض، ولغة التحكيم هي اللغة العربية، ويطبق على موضوع النزاع أحكام نظام المملكة العربية السعودية.”
🔹 نموذج (2): شرط تحكيم مختصر
“كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يحال إلى التحكيم وفق نظام التحكيم السعودي، ويكون مقر التحكيم الرياض.”
سابعاً: أفضل الممارسات في صياغة شرط التحكيم
- استخدام النماذج الرسمية المعتمدة مثل النماذج التي يصدرها SCCA.
- ومنها الاستعانة بمحامين متخصصين لتفادي الأخطاء.
- تجنب العبارات الفضفاضة مثل “يجوز للطرفين”.
- مثل تضمين بند السرية لتعزيز حماية المعلومات.
- التوافق مع القوانين الدولية في حال العقود العابرة للحدود.
ثامناً: العلاقة بين شرط التحكيم والاتفاقيات الدولية
- في المقابل فإن السعودية طرف في اتفاقية نيويورك 1958، مما يجعل أحكام التحكيم الصادرة في المملكة قابلة للتنفيذ في أكثر من 160 دولة.
- من ناحية أخرى فإن شرط التحكيم المصاغ بشكل صحيح يضمن قوة تنفيذية دولية للعقد.
تاسعاً: دور المراكز السعودية في دعم شرط التحكيم
🔹 المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA)
- يوفر قواعد واضحة ومتكاملة للتحكيم.
- يتيح خدمات التحكيم باللغتين العربية والإنجليزية.
- يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب.
🔹 المبادرات الحكومية
- بناءً على ذلك فإن رؤية السعودية 2030 عززت من دور التحكيم.
- تبعًا لما سبق جرى دعم التحكيم كخيار لتسوية منازعات الاستثمار الأجنبي.
خاتمة
إن صياغة شرط التحكيم وفق النظام السعودي ليست مجرد بند ثانوي يُدرج في العقود، بل هي عنصر استراتيجي يحدد مصير النزاعات المستقبلية، فكلما كانت الصياغة دقيقة ومتوافقة مع النظام السعودي والمعايير الدولية، ضمنت الأطراف حماية حقوقهم وحسن إدارة نزاعاتهم، لذلك، يُنصح دائمًا بالاستعانة بخبراء ومحامين متخصصين عند إعداد العقود التجارية، والتأكد من أن شرط التحكيم واضح ومحدد، لتفادي أي بطلان أو خلاف مستقبلي.
موضوع مهم عقوبة الجرائم الإلكترونية بالسعودية